بدأت اليوم في أبوظبي، أعمال المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية، تحت عنوان “المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك”، الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والأكاديميين من داخل الدولة وخارجها.
ويناقش المؤتمر على مدار يومين 3 محاور رئيسية تشمل، المواطنة والانتماء: مداخل فلسفية وأبعاد قيمية، والمواطنة في الواقع المعاصر، والمواطنة ورهانات المستقبل: الفرص والآمال.
وأشاد معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ورئيس المجلس العلمي للجامعة، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بالدعم المتواصل الذي تقدمه قيادة الدولة الرشيدة، للجامعة والعلم والتعليم محليا ودوليا، وتطرق في كلمته لأربعة محاور تضمنت: مفهوم المواطنة، والتأصيل الشرعي للمواطنة، والوطن: حقوق وواجبات، الإسهام الديني في ترسيخ المواطنة.
وأكد أن المواطنة ليست مجرد معرفة تتعلم أو مبادئ تتقن بل هي سلوك وممارسة تكتسب من خلال التربية التي تعنى بتهذيب السلوكيات وتقويم التصرفات وتحسن الأخلاقيات.
من جانبه، قال معالي الدكتور قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن المواطنة عقد فكري واجتماعي وأخلاقي بين الفرد والمجتمع وولي الأمر.
وأكد معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أن المؤتمر يتسم بثلاثية أساسية تجيب على التساؤلات وتواجه التحديات، فهو يعزز المواطنة المحلية عبر عنصر الهوية، ويمتد ليشمل المواطنة العالمية من خلال قيم العيش المشترك.
وقال إن دولة الإمارات تعد نموذجا رائدا على الصعيد العالمي من خلال رعايتها لأقوى التجارب في تعزيز هذا النوع من المواطنة عبر الوثائق والتشريعات ومواكبة التطورات، حتى أصبحت أرض صلبة للمواطنة جسدت على أرض الواقع قيم السلام والاستقرار واستهوت أفئدة من الناس وآوت بتعايش ووئام كل مكونات الوطن وشركائه.
ودعا معاليه، في ختام كلمته إلى تأسيس منصة عالمية خاصة بالمواطنة لدراسة وتعميق مفاهيمها، وتكوين فرق علمية من الباحثين والطلاب تهتم ببحوث المواطنة وتطوراتها.
من جانبه، قال فضيلة الدكتور نظير محمد عياد مفتي جمهورية مصر العربية، إن انعقاد المؤتمر يأتي ضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في تعزيز قيم العيش المشترك، وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر وسطية الإسلام وصورته الصحيحة.
وأوضح أن التطرف يعتبر أحد أهم المؤثرات السلبية على قضية الانتماء الوطني والهوية، لأنه يقوم على الانتماء للفكرة والأيدلوجية المتطرفة المعادية للوطن، كما يكرس التطرف الإشكالية بين الدين والانتماء الوطني والهوية الوطنية من خلال نشر مفاهيم مغلوطة في نفوس الأفراد والمجتمعات، مثل التعصب والإقصاء والعنف وعدم الاعتراف بحقوق الآخر ومحاولة استنساخ نماذج تراثية قديمة في التعامل مع الآخرين.
من جهته، أكد معالي الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أن قيم العيش المشترك أصبحت ضرورة، والإقصاء والتهميش يهدد المجتمع والدولة والسلم، وأن المجتمعات الإنسانية مجتمعات قائمة على التعددية، وهذا واقع لا محالة منه، وأن التعددية سلاح ذو حدين، إما أنها قوة لخلق نسيج اجتماعي متناسق، وإما أن تكون ساحة للصراع والانقسام.
وقال سعادة الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إن انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية، يفتح آفاق الفكر والحوار والنقاش حول المفاهيم التي تشكل حاضرنا وتصوغ مستقبلنا وهي: المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك.
وأضاف ” في خضم حديثنا عن قيم المواطنة وحب الوطن والانتماء والولاء له، نستحضر شخصية قائد صنع التاريخ وجسد أسمى معاني المواطنة وحب الوطن، ففي تاريخ دولتنا يقف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” شامخا ومعلما ورمزا وطنيا خالصا، وتجسدت فيه أسمى معاني المواطنة والعطاء والإخلاص والوفاء والانتماء.
وقال إن قيادة الدولة الرشيدة تمضي على نهج المؤسس مؤمنة بأن بناء الإنسان هو الركيزة الأساسية وأن المواطنة لا تكتمل إلا بالعلم والعمل والتلاحم.
وأضاف الظاهري، “إن مفهوم المواطنة النبيل لا يسير دائما في طريق ممهد، بل تعترضه تحديات جسيمة وتحاصره خطابات متطرفة، تحاول أن تنزع عن المواطنة قدسيتها وأن تشوش على حقيقتها، ومن أشد هذه التحديات وأخطرها تهديدا للسلم في زماننا، ما تروجه الجماعات المتطرفة التي تسعى إلى تقويض شرعية الدولة الوطنية”.
بدوره، أكد معالي الدكتور سامي الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أهمية موضوع المؤتمر، مشيرا إلى أن تجربة دولة الإمارات في استيعاب منتسبي كافة الثقافات والحضارات والشرائع تمثل صورة مشرقة لسماحة الدين الإسلامي وعالمية رسالته في قبول التعددية والاختلاف واحترام الآخر ومنحه كافة الحقوق دون اجتزاء.
وأضاف أن رابطة العالمي الإسلامي تسعى من خلال أنشطتها المختلفة إلى التأكيد على أهمية إرساء قيم المواطنة الحقة والعيش المشترك ومحاربة كل أنواع التعصب والكراهية والإقصاء.