عندما ترجم المسلمون علوم الأوائل وقدّمت هذه العلوم إطار نظريا للمعرفة وإطار عمليا للسلوك نشأت إشكالية علاقة الفلسفة بالدين، فالذين لم يدرسوا الفلسفة وليس لهم اطلاع على حكمة القدماء رأوا فيها فكرا دخيلا مضرا بدينهم وشريعتهم فقاموا لمقاومتها. فكان أن انبرى الفلاسفة بجهد كبير محمود لبيان عدم معارضة مكتسبات العقل القائمة على فكر صحيح، مع أحكام الشريعة القطعية الدلالة. تتابعت إسهامات الفلاسفة في هذا الموضوع ابتداء من الكندي مرورا بأبي الحسن العامري ثم الفارابي ثم ابن سينا إلى الحكمة المتعالية مع الشيرازي، فأصبحت علاقة الفلسفة بالدين، بفضل جهود علمية كثيرة ومتعددة، تكتسي صبغة جدلية منتجة على المستويين الديني والفلسفي، وأصبح كثير من المسلمين يرون في الانفتاح على مكتسبات العقل الفلسفي والعلمي ضرورة علمية من أجل إبداع قول فلسفي يمتح من حضارة المسلمين المشرقة وفكرهم المتنور، وينفتح على الآفاق غير المحدودة للفكر الإنساني في تعدديته وشموليته. ويأمل مركز الدراسات الفلسفية من الباحثين التأكيد على هذه الجوانب التي تفتح الفلسفة على الدين وتشرع الدّين على الفلسفة في إطار “فلسفة الدين” وكذا في إطار “فلسفة دينية” تقدم تصورا للدين يناسب العصر ويقوم على أصول الشريعة وأركانها القوية وكلياتها المعتبرة.